• Search

    المقدمة: ما هي بابي يار؟

    يتوفر هذا المقال أيضًا باللغات: English Français Español فارسی Русский Türkçe

    ما هي بابي يار وماذا حدث هناك؟

    بابي يار كانت جزءً من وادٍ شاسع وصعب يقع على الطرف الشمالي الغربي لمدينة كييف (أوكرانيا). وهذه الكلمة تعني "وادي المرأة العجوز" أو "وادي الجدة". وفي عام 1941، كانت بابي يار موقعًا لأكبر مذبحة قام بها الألمان ضد اليهود في المناطق السوفيتية المحتلة. باعتبار هذا المكان موقعًا لتنفيذ عمليات الإعدام، استخدم النازيون ومعاونيهم إحدى مناطق الوادي التي تتسم بمنحدرات شديدة، وتسع هضاب، وامتد طوله حتى 1.5 ميل. وفي أماكن متعددة، كان العمق يتراوح من 30 إلى 160 قدمًا. وفي قاع الوادي الضيق، جرى نهر متدفق.[1]

    تتمثل الحقائق حول مذبحة بابي يار فيما يلي:

    منذ عام 1921 وحتى 18 سبتمبر من عام 1941، كانت المدينة خاضعة للحكم السوفيتي. وبعد مرور خمسة أيام من وصول الألمان في 19 سبتمبر من عام 1941، قامت وحدات قتالية خاصة من NKVD (الشرطة السرية السوفيتية) بتفجير العديد من القنابل في وسط مدينة كييف، حيث أدت هذه التفجيرات إلى تدمير العديد من المباني، مثل الفندق الكبير (جراند هوتيل) حيث تمركز الألمان. وقد نتج عن هذه القنابل اشتعال مجموعة كبيرة من الحرائق التي ظلت مشتعلة لمدة أسبوع كامل ودمرت أي شيء تواجد على بعد 2 كم مربع من وسط المدينة. وقُتل حوالي 200 ألماني.[2] بالرغم من أن النازيين علموا أن وحدة NKVD هي التي كانت الجهة المنفذة للتفجير، إلا أنهم لم يضيعوا الوقت واتهموا اليهود بإحداث الأضرار بهم واستغلوا الفرصة لقتل جميع اليهود المقيمين في كييف "كرد فعل انتقامي.[3]

    من هم منفذي عمليات الإعدام؟

    تم جمع قوة كبيرة لتنفيذ عمليات الإعدام، وكانت تشمل ما يلي:

    • وحدة الزوندر كوماندو 4أ، بقيادة باول بلوبل بصورة مباشرة، والذي كان بدوره يرفع التقارير إلى فريدريش يكن، القائد الأعلى في شرطة SS لمنطقة العمليات الخاصة بوحدات القتل المتنقلة (أينزاتسغروبن) ج
    • الفرقة الثالثة من كتائب وحدات النخبة المسلحة (فافين-SS)
    • كتائب الشرطة 9 و 45 و 305
    • القوات الأوكرانية الاحتياطية[4]

    29 و 30 سبتمبر من عام 1941: مذبحة بابي يار

    في 26 سبتمبر من عام 1941، تم نشر إعلان في الشوارع يأمر جميع اليهود المتواجدين في كييف بالتجمع بحلول الساعة 8:00 صباحًا في يوم 29 سبتمبر 1941. وكان ينبغي عليهم إحضار وثائق إثبات هويتهم، وأموالهم، وممتلكاتهم الثمينة، وملابسهم الدافئة. وفي صباح يوم 29 سبتمبر، تم اقتياد اليهود المتجمعين إلى المقابر اليهودية الموجودة على حدود أطراف بابي يار.

    يتذكر فيدير بيهيدو، أحد الشهود الأوكرانيين، الوضع قائلاً: "كان هناك آلاف الأشخاص، أكثرهم من كبار السن—ولكن كان هناك أيضًا مجموعة من الأشخاص من ذوي الأعمار المتوسطة—الذين يتحركون باتجاه بابي يار. والأطفال—يا إلهي، كان هناك العديد من الأطفال! كل هذه الجموع كانت تتحرك وهي مثقلة بالأمتعة والأطفال. ومن هنا وهناك، كان كبار السن والمرضى الذين لم يستطيعوا التحرك بأنفسهم، يتحركون وهم محمولين على الأرجح على أكتاف أبنائهم أو بناتهم، أو على عربات من دون تقديم أية مساعدة. بعض الأشخاص كانوا يبكون، وآخرون كانوا يواسون بعضهم البعض. ومعظمهم كانوا يتحركون بطريقة تنم عن الاستغراق في التفكير، بصمت وتعلو على وجوههم نظرات الحزن. كان المنظر سيئًا.[5]

    وفي مقابر اليهود، تمت إقامة السياج وكانت المنطقة خاضعة لحراسة ثلاث مجموعات من الجنود وقوات الشرطة. تم تقسيم اليهود إلى مجموعات، وأمِروا أن ينزعوا ثيابهم ويتركوا أوراق اثبات هويتهم، ومتعلقاتهم، وممتلكاتهم الثمينة. وتم بعد ذلك اقتيادهم إلى الوادي الضيق عبر ممرات موجودة مسبقًا وممرات تم إنشاؤها حديثًا؛ ثم قام النازيون ومعاونوهم باقتياد اليهود إلى العديد من مواقع الإعدام، التي تمتد حتى ميل واحد تقريبًا في جميع أنحاء الوادي الصعب. وقد تم إطلاق النار على اليهود بينما هم مستلقين على الأرض أو بينما يقفون على حافة ضيقة. واعتمد هذا الأمر على موقع الإعدام، وفي الليل، توقف النازيون ومعاونوهم عن تنفيذ عمليات إعدام جديدة وبدلاً من ذلك مروا فوق الجثث مطلقين النار على أي شخص لا يزال على قيد الحياة. واستمرت المذبحة لمدة يومين. وفقًا لسجلات الألمان أنفسهم، تم إطلاق النار على 33,771 يهودي وقتلهم في خلال يومين فقط، الموافقين 29 و 30 سبتمبر.[6]

    تم إعدام العديد من الأشخاص الآخرين في بابي يار على مدار العامين اللذين احتل النازيون كييف خلالهما، وشملت قائمة الضحايا المزيد من اليهود، ومجرمي الحرب السوفيتين، والرومن، والسجناء السياسيين. استمرت جرائم القتل التي حدثت في الوادي حتى آخر لحظة عندما هرب النازيون أمام الجيش السوفيتي القادم. ومن غير المعروف كم عدد الأشخاص الذين قُتلوا في النهاية في بابي يار خلال فترة الاحتلال النازي—يعتقد البعض أن العدد يمكن أن يكون قد بلغ 100,000. 

    الأحداث التالية للمذبحة:

    استخدم النازيون سجناء الحرب للتغطية على المقابر الجماعية الأولى التي أقيمت في الوادي. وبعد مرور عامين، في شهري سبتمبر/أكتوبر من عام 1943، وبينما كان الجيش الروسي على مقربة من كييف، أسرع النازيون بنبش الجثث وحرقها. وقد استخدموا العمال العبيد من معسكر العمال المجاور بسيرتس. لمدة ستة أسابيع، قامت وحدة الزوندر كوماندو هذه بنبش الجثث، وحرقها على قضبان الحرق، وأعادوا دفن الرماد أو نثره. لأن العمال المنضمين إلى وحدة الزوندر كوماندو كانوا يدركون تمامًا أن النازيون سيقتلونهم عند الانتهاء من عملهم، فقد ثاروا على النازيين وهربوا منهم. ومن بين 14 رجلاً من الناجين في محاولة الهرب، روى ثمانية منهم قصصهم بعد الحرب.

    Alley in Babi Yar, Kiev. By Roland Geider (Ogre) (own work) [Public domain], via Wikimedia Commons.
    ممر في وادي بابي يار، كييف. تم التقاط الصورة من جانب رولاند غيدر (Ogre) (عمله الخاص) [ملكية عامة]، عبر Wikimedia Commons.

    بابي يار في وقتنا الحالي: 

    في 13 مارس من عام 1961، انشق أحد السدود الذي كان يحتوي على المخلفات الصادرة من المصانع القريبة. واجتاح جدار مائي منطقة وادي بابي يار، حيث أزال كل شيء يقف في طريقه وتسبب في مقتل آلاف الأشخاص المقيمين في الأحياء المحيطة بالوادي. وقد أدت هذه الكارثة إلى تغيير الملامح العامة لشكل الوادي ومسحت معظم الأدلة المادية على حدوث جرائم قتل جماعي. وغيرت عمليات الإنشاء والبناء التي تمت لاحقًا شكل بابي يار. ففي الوقت الحالي، لا يمكن التعرّف على الموقع لأنه تمت تسويته بالأرض لإقامة المتنزهات والشقق السكنية والطرق والجسور.[7]

    ملاحظات

    [1] Karel C. Berkhoff, “Babi Yar: Site of Mass Murder, Ravine of Oblivion, صفحة رقم 2 على الموقع الإلكتروني https://www.ushmm.org/m/pdfs/Publication_OP_2011-02.pdf

    [2] الحقيقة المتمثلة في أن NKVD (الشرطة السرية السوفيتية) قد فجروا القنابل تم الإدلاء بها من جانب ألفريد يودل، رئيس طاقم عمل العمليات بالقيادة العليا للقوات المسلحة، في المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرج. ظن الألمان في البداية أن ما حدث كان تخريبًا قام به السكان المحليون ولكنهم وجدوا بعد ذلك جدولاً للتفجيرات، والذي تم إعداده قبل حدوث التفجيرات بمدة طويلة، مدرج بالجدول 50 أو 60 مبنى مطلوب تدميرها. رأي يودل الجدول بنفسه واستخدمه لإبطال مفعول الـ 40 قنبلة المتبقية قبل أن يتم تفجيرها. http://holocaustresearchproject.org/einsatz/babiyar.html.

    [3] للحصول على المعلومات الكاملة للأحداث التي جرت بخصوص تدمير كييف وإجراءات جمع اليهود وإعدامهم اللاحقة، اطلع على Karel C. Berkhoff, “Babi Yar: Site of Mass Murder, Ravine of Oblivion, صفحة رقم 2.

    [4] Peter Longerich, Holocaust: The Nazi Persecution and Murder of the Jews (Oxford University Press, 2010), صفحة رقم 224.

    [5] Karel C. Berkhoff, “Babi Yar: Site of Mass Murder, Ravine of Oblivion, صفحات رقم 5, 6.

    [6] Operational Situation Report USSR No.101, October 2, 1941 and Occupational Situation Report USSR No. 106, October 7, 1941 in Yitzhak Arad, Shmuel Krakowski and Shmuel Spector (editors), The Einsatzgruppen Reports: Selections from the Dispatches of the Nazi Death Squads’ Campaign Against the Jews in Occupied Territories of the Soviet Union July 1941-January 1943 (Holocaust Library, 1989), صفحات رقم 168, 173. متوفرة أيضًا على الموقع الإلكتروني http://www.holocaustresearchproject.org/einsatz/situationreport150.html.

    [7] يمكنك الاطلاع على صورة لما تبدو عليه منطقة بابي يار في وقتنا الحالي على الموقع الإلكتروني http://commons.wikimedia.org/wiki/File:Babi_Yar_12.jpg.